حوّلت أورلا كاربيري تجربة تكاد تكون مأساوية إلى منصّة تثقّف من خلالها الآخرين على أهمية اتخاذ إجراءات السلامة عند الاقتراب من المياه في الإمارات العربية المتّحدة.
عام 2016، شعرتِ بضرورة تثقيف الآخرين على أهمية اتخاذ إجراءات السلامة عند الاقتراب من المياه بعد حادثٍ كاد أن يكون مميتاً. أخبرينا المزيد عن تجربتك.
في يونيو 2016، كادت ابنتي أيوفي أن تغرق في مسبح أحد أصدقائنا فيما كانت تلعب مع أطفال آخرين. كنت موجودةً هناك مع أمّ أخرى ومربّية الأطفال، لكن ما حصل أخذنا على حين غرّة...
تلقى جميع أطفالنا دروساً في السباحة منذ سن مبكرة. تعدّ القدرة على السباحة والوعي بالسلامة في المناطق المجاورة لمسطحات المياه مهارة أساسية لا بدّ من اكتسابها. كانت ابنتاي تغوصان تحت الماء وتسبحان حول ساقيّ. لكن، صرفت نظري عنهما لثوانٍ معدودة لأمسك بابني وهو ينزل عن المزلقة، لكن حين استدرت لأعدّ الأطفال، كان أحد الأطفال مفقوداً.
لم يدرك أحدٌ منا، نحن الكبار، أنّ المسبح مزوّد بنظام تنظيف جديد في قاعه، بمحاذاة الجدار الذي لم يتم تثبيته بشكل صحيح. ومع ذلك، لاحظت أيوفي ذلك الأمر وبما أنّها طفلة فضوليّة، حملت ورقة شجر ووضعتها بالقرب من الفراغ لتراقبها وهي تُشفط. لسوء الحظ، كانت قوة الشفط قوية لدرجة أنّها سحبت ذراعها حتى كوعها، وعجزت عن تحرير نفسها.
لا بدّ من أنّه أمر مرعب. ماذا فعلت بعدها؟
رأيناها راقدة بلا حراك في قاع البركة. توقفت عن التنفس وأصيبت بسكتة قلبية. اعترانا الذعر، فلم تخطر ببالنا أبسط الحلول مثل إيقاف نظام التنظيف. حين نجحنا أخيراً في تحرير ذراعها، كانت قد مرّت أكثر من دقيقتين على فقدانها الوعي. بدأتُ على الفور بالإنعاش القلبي الرئوي وتمكنت من إنعاشها. أمضت أيوفي ثلاثة أيام في وحدة العناية المركزة وقال الأطباء إنها نجت بمعجزة.
ماذا فعلت بعد الحادث؟
لطالما أيقنت أنّ أيوفي نجت لسبب معيّن. وأردت منع حصول المزيد من الحوادث والوفيات بسبب الغرق. لا يقتصر الخطر على المسابح وبرك المياه الكبيرة فحسب، لا بل يشمل أيضاً أحواض الاستحمام الداخلية والجاكوزي ومناطق السبا. بدأت بمشاركة تجربتي مع مجموعات من الأشخاص عبر الإنترنت، وتحدثت عنها في بعض الفعاليات. لكن استغرق الأمر ثلاث سنوات أخرى لإطلاق حملة أيوفي التي ترتكز على أربعة مبادئ ألا وهي إشراف الكبار، والحواجز، ودروس في الإنعاش القلبي الرئوي والسباحة، وتركيبات الصرف الصحي. وتتلقّى هذه الحملة الدعم من شركة بايبي سيكيور (@baby.secure.dxb) الرائدة في الإمارات العربية المتحدة والتي تُعنى بتسييج المسابح.
ما الذي دفعك إلى تنظيم ورشة عمل؟
لمعت في ذهني هذه الفكرة منذ وقت طويل عقب الحادث التي تعرّضت له. وصحيحٌ أنّني تحدثت عن الموضوع في المدارس وعبر الراديو، إلا أنني شعرت أنّ ذلك غير كافٍ لزيادة الوعي. ولا شكّ في أنّ هذه الأمور تتطلّب وقتاً لتتبلور، فحتّى كتيّب سلامة المناطق المحيطة بمسطحات المياه المتوفر في سبينس، استغرقتني كتابته خمسة أشهر.
كيف وُلدت فكرة ورشة العمل الأولى؟
ظهر المشروع بشكل بديهي في العام 2021. كانت مصففة شعري تتحدّث عن حملة أيوفي في صالونها، وسمعتها إحدى عميلاتها. فسألتني ما إذا كنت مهتمة بالتواصل مع عددٍ من العائلات للتحدّث عن سلامة المناطق المحيطة بمسطحات المياه في الفيلا الخاصة بها. فسرعان ما اغتنمت الفرصة. وابتدأت مشواري الجديد. استغرقني الأمر عدة أسابيع لإعداد محتوى ورشة عمل مدتها ساعتان ونصف. وأتت التعليقات إيجابية، ما شجّعني على مواصلة العمل. أؤمن بأنّ ورشة العمل سيكون لها تأثير كبير على الناس لأنّني ضالعة في الموضوع. وفي محتواها الحالي، تستهدف الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و13 سنة. أرغب في ابتكار مشروع للكبار أيضاً، وأهدف إلى تثقيف الأطفال وعائلاتهم ليصبحوا من مناصري الحفاظ على سلامة المناطق المحيطة بمسطحات المياه.
هل نظّمت أيّ ورش عمل منذ ذلك الحين؟
لا شكّ في أنّ جائحة كورونا كانت حجر عثرة في طريقي، لكنني آمل أن أحقّق أهدافي هذا العام وأجري المزيد من ورش العمل.
للحصول على مزيد من المعلومات حول ورشة عمل أورلا المتمحورة حول سلامة المناطق المحيطة بمسطحات المياه، تواصلوا معها على صفحة aoifescampaign@ على الفيسبوك وإنستغرام.
إصدار لا يُفوّت
طرحت أورلا كتيباً تفاعلياً وتعليمياً بعنوان "سلامة المناطق المحيطة بمسطحات المياه" يستهدف الأطفال من عمر 3 سنوات وما فوق. وسيتوفّر قريباً باللغتين العربية والإنجليزية في متاجر سبينس في الإمارات العربية المتحدة. يحتضن الكتيّب كمّا هائلاً من المعلومات حول كيفية الحفاظ على السلامة في محيط المسطحات المائية المختلفة، كما يقدّم نصائح حول كيفيّة التعامل مع حالات الطوارئ، فضلاً عن حقائق ممتعة وألغاز وغيرها الكثير من المعلومات الشيّقة. وتجدر الإشارة إلى أنّه تمّ تخصيص كلّ عائدات بيع الكتاب لتعليم الأطفال الذين ينتمون إلى العائلات ذات الدخل المنخفض.