عندما نتخيّل مطعم لحوم، أوّل صورة تتبادر إلى ذهننا تمتاز بإضاءة خافتة وتصميم خشبي مميّز، ونرى فيها كلّ ضيفٍ يتلذّذ بشريحة اللحم الخاصّة به. أمّا في مطعم رير الذي فتح أبوابه مؤخراً في دبي، فتنقلب هذه النظرة المألوفة رأساً على عقب، ليولد مفهومٌ جديد فريد من نوعه.
يتمركز هذا المطعم في قلب وجهة سي 2 من منطقة سيتي ووك، حيث يقدّم تجربة محورها المشاركة. وفي هذا الصدد، يشرح المؤسس ساهيل أناند، قائلاً: "تمتزج في مطعم رير مزايا استراحات نيويورك الخلّابة ومطاعم البراسري الباريسية الفريدة، لينمو ويتطوّر بين ربوع مدينة دبي." ويركّز على أنّ هذا المطعم لا يسعى إلى نقل أجواء نيويورك أو باريس إلى الضيوف، بل يهمّه أن يجسّد هوية دبي الاستثنائية. ويقول ساهيل ممازحاً: "إذا أردتم زيارة هاتَين المدينتَين، عليكم حجز تذكرة على متن طيران الإمارات!" فعندما ابتكر مطعم رير، كان هدفه تصميم موقعٍ يعكس جوهر دبي، المدينة التي تزاوج مختلف الثقافات معاً بسلاسة تامة. "حاولت أن أصمم مطعم لحوم في دبي، يجمع الطابع النيويوركي مع الملامح الباريسية."
ويضيف قائلاً: "نقدّم الأطباق بأسلوب مُعدّ للمشاركة، لأنّها طريقتنا المعتادة لتناول الطعام في الشرق الأوسط. هنا، تجتمع كلّ الثقافات معاً، وهذا ما يضاعف حبّنا للمشاركة." وتظهر هذه الفلسفة واضحةً على قائمة الطعام،التي يصفها بأنّها "انصهار للثقافات المختلفة". ويؤكّد ساهيل: "لا أوافق أبداً على الفكرة التي يمتلكها البعض عن مطاعم دبي، بأنّها مجرّدة من الحياة. فمدينة دبي ككلّ نابضة بالحياة، علينا فقط أن نعرف كيف نرصدها!"
مطعم رير يمتدّ على تراس مغطّى في الهواء الطلق
شريحة لحم بقر أويستر بليد بوزن 250 غ من مطعم رير، مطهوة على مشواة الفحم ومقدّمة مع صلصة بيبري وفلفل أماريلو الحار
في هذا الصدد، أدّى الشيف ريان برناردو والمستشار جيسي بليك (الذي اكتشب شهرة واسعة لعمله في مطعم لاو) دوراً محورياً في تصميم المطعم وإعداد قائمة الطعام، لتشمل عدداً لا يُحصى من الخيارات الشهية، بدءاً من المقبلات مثل طبق تونة كرودو المحمّرة مع صلصة الصويا بالأنشوفة وصلصة بيارنيز بالزبدة البنية، وتارتار لحم بقر واغيو المقدّم مع القليل من الوسابي وصفار بيضة طري في الوسط وبطاطا مهروسة إلى جانبه، وصولاً إلى الأطباق البعيدة عن الستيك مثل الروبيان الكبير المقدّم مع صلصة شيبوتلي بالزبدة.
ويضيف ساهيل: "تنال أطباق اللحوم التي نقدّمها استحساناً واسعاً، ولكنّنا حرصنا على أن تكون الأطباق الجانبية التي نقدّمها شهية بحدّ ذاتها ليحلو تناولها بمفردها أيضاً." ويَعتبر طبق كرنب بروكسل المكسو بصلصة صويا مكرملة من أبرز هذه الأطباق، كما يصنح الضيوف بتجربة شريحة ستريبلوين واغيو المستقدمة من جنوب أفريقيا.
والأهمّ أنّ قائمة طعام رير تعكس حرص صاحب المطعم على تقديم أطباق ستيك تناسب الجميع، حيث يقول: "أودّ أن أجعل الستيك طبقاً شهياً ومميزاً يحفّز الضيوف على تذوّق كلّ ما نقدّمه."
وفي قلب المطعم، يبرز المطبخ المفتوح حيث يتمّ تحضير الأطباق على مشواة تعمل بالفحم مصممة بأسلوب مميز. ويوضح أناند: "أردنا أن نجسّد فيها روح دبي، لتشبه ولداً ترعرع في قلب هذه المدينة الاستثنائية. فاستوحينا الأطباق من دبي، وأضفنا عليها لمسات من ثقافات وبلدان أخرى لتعزيز نكهاتها." والواضح أنّ المطعم كرّس كلّ جهوده لتقديم مزيج استثنائي من النكهات، بدون أن ينسى الأشخاص الذين يملكون خيارات غذائية محددة. "ابتكرنا قائمة طعام نباتية أيضاً، لأنّ مطعمنا يشجّع تشارك الطعام مع الأصدقاء، وغالباً ما نجد شخصاً يتّبع نظاماً غذائياً نباتياً صرفاً في كلّ مجموعة من الأصدقاء."
في قلب قاعة الطعام
طبق تونة كرودو المحمّرة مع صلصة الصويا بالأنشوفة وصلصة بيارنيز بالزبدة البنية
يتمتّع صاحب المطعم بمعرفة معمّقة في قطاع المطاعم، ويبدو ذلك مفاجئاً عندما نعرف أنّه بدأ مسيرته في هذا المجال منذ وقت قصيرٍ نسبياً، وذلك في العام 2015. انصهرت ثقافات مختلفة في نشأة ساهيل الذي ترعرع في دبي بينما ينحدر في الأصل من الهند، وتجدر الإشارة إلى أنّه ترك عمله في مجال المبيعات وتطوير الأعمال ليدخل قطاع الضيافة.
في هذا الصدد، افتتح أوّل مطعم له عام 2019 في ذا بوينت، ودعاه باسم سي إم بي بار آند غريل (كان يُعرف سابقاً باسم شيكاغو ميت باكرز)، ومن خلاله أراد أن يوفّر تجربة لحوم مريحة خارج الفنادق. وبعد إغلاق هذا المطعم عام 2023 لدى إقفال ذا بوينت، أرسل ساهيل بريداً إلكترونياً إلى ضيوفه عبّر فيه عن امتنانه لهم فيما لمّح إلى مشروع جديد مرتقب. ويقول: "أضفتُ مقطعاً صغيراً إلى الرسالة الإلكترونية ذكرت فيها أنّني أخطط لمشروع جديد، ويسرّني أن ألتقي بشخصٍ يودّ مشاركتي في هذه المسيرة." رداً على هذه النقطة، قرر أحد الضيوف المنتظمين أن يستثمر في المشروع، ومن هنا ولدت فكرة رير. ويستأنف ساهيل كلامه بالقول: "أغلقت مطعم سي إم بي رسمياً في 31 مايو، وبعد 355 يوماً فقط، كنّا قد افتتحنا مطعم رير."
كشف لنا ساهيل أنّ المطعم حافظ على قاعدة عملائه الكبيرة طوال الصيف، ولهذا يشعر بتفاؤل كبير تجاه المستقبل. "أصبّ كلّ تركيزي على مطعم رير في الوقت الحالي، لكن إذا سنحت لي فرصة تستحقّ المخاطرة، سأعمد إلى افتتاح مطعمٍ جديد، إذ أريد أن أوسّع أعمالي تدريجياً. فهدفي الوحيد أن أرسّخ اسم شركتنا القابضة تيبل 85 لتُعرف بأنّها المشغّل الأفضل في قطاع المأكولات والمشروبات الذي يتعرّض لانتقادات كثيرة تزعم بأنّ جميع المشغّلين فيه سيّئين، وهدفنا أن نغيّر هذه النظرة. لذلك أتعامل مع المشغّل الأفضل في القطاع وهدفي أن أفتتح مزيداً من المطاعم في المستقبل."