تأسست علامة فاميلي تري فارمز عام 2000، غير أنّ جذورها تترسّخ عميقاً وتعود إلى سنوات طويلة من الزمن. يتحدّر المؤسس والمالك دايفيد جاكسون من عائلة مزارعين أبّاً عن جدّ، حيث انتقل والده إلى وسط كالفورنيا عام 1936 ليعمل في الأرض، واشترى في وقتٍ لاحق مزرعة تغطّي 40 فدّاناً من الأرض. ويقول دايفيد: "كنت أتبع والدي في الحقول طوال طفولتي، كما عملت معه في سنين المراهقة."
"لم يملك والدي مزرعةً كبيرة قط، ولكنّه اعتاد العمل بجدّ، كما كان شخصاً صادقاً واستمدّيت شخصيّتي منه." فقد نصحه والده يوماً ألّا يعود إلى المنزل باكراً، بل طلب منه أن يأخذ كرسياً ويجلس ليسترخي في الحقول.
"قال لي: أنظر إلى الأشجار وانصت إليها. وطلب منّي أن أسألها، أهي جائعة؟ أم عطشى؟ أم أنّ شيئاً ما يؤذيها؟ أم تحتاج إلى مزيد من أشعّة الشمس؟ وما إلى ذلك. أخبرني أنّه عند طرح هذه الأسئلة، سأغدو مزارعاً يطبع الأرض ببصمته، ولا يمكنني أن أنتج مزروعات مثالية ما لم أفعل ذلك."
وعلى مدى السنوات التالية، وخاصةً بعد أن أسس دايفيد علامة فاميلي تري فارمز، استطاع أن يزرع "عدداً كبيراً" من المحاصيل التي تضمّ 340 صنفاً مختلفاً، لتشكّل النسبة الأكبر من الأراضي الزراعية في منطقة سنترال فالي. "بدأنا نزرع الحسليّات، لاسيّما الدراق والخوخ والنكتارين والمشمش. وفي وقتٍ لاحق اكتشفنا صنفاً رائعاً من التوت الأزرق لنزرعه، وكان هدفي منذ اليوم الأول يتعدّى فكرة المنافسة في السوق، فقد أردت أن أنتج أفضل المزروعات في العالم، وسعيت إلى أن أغدو بطلاً أولمبياً في عالم الزراعة.
"وضعنا نصب عيوننا مهمّة إنتاج أشهى الفواكه في العالم وتقديمها بجودة عالية بانتظام، وأشعر بالفخر عندما يتذوّق أحد المستهلكين فاكهتنا ويعبّر عن مدى روعتها. هذه المكافأة المثالية التي تصبّ علامتنا كلّ جهدها للحصول عليها."
يخبرنا دايفيد هذا، فيما يجلس في أحد حقوله المخصص لزراعة فاكهة مميزة تجمع الخوخ والمشمش، وهي تنمو على شبكة من عرائش تاتورا موزّعة بالتساوي على شكل V، وتستقي اسمها من منطقة تاتورا الزراعية في أستراليا التي قصدها ليتعلّم تقنيات الزراعة المحلية قبل 45 عاماً.
"أترون كيف يمرّ الضوء الطبيعي من جميع الجهات؟ هذا أمرٌ ضروري لتتمتّع الفواكه بلونٍ رائع وطعم حلو."
وعلى مدى ربع القرن الماضي، توسّعت علامة فاميلي تري فارمز بشكلٍ كبير، وبدأت الأجيال المتتالية من عائلة جاكسون تتشارك الحِمل، إلى أن باتت اليوم تشمل 86 فرداً، منهم 21 حفيداً و38 من أولاد الأحفاد. ويؤكّد دايفيد: "يشارك جميع رجال العائلة بعمر العمل في عمليّات علامة فاميلي تري فارم."
تتألّف الشركة من عدّة أقسام يعمل كلّ منها مستقلاً عن الآخر. من هذا المنطلق، يدير عدد كبير من أفراد العائلة حقولهم الخاصّة، حيث يتضمّن كلّ منها المدراء وفرق الرّي الخاصّة به، لكن في نهاية المطاف، تُجمع كلّ المنتوجات معاً وتُوزّع "تحت راية علامة فاميلي تري فارمز". في هذا الصدد، يحمل كلٌّ من دانيال ابن دايفيد وآندي ماكسلو زوج ابنته لقب مالكٍ مشارك، حيث أنّ صداقتهما بدأت في أيّام الطفولة، وتوطّدت أكثر بعد زواج آندي من بيكي، أخت دايفيد، وها هما اليوم يتابعان العمل معاً في الأرض كما كانا يفعلان في الصغر.
يحافظ هذان الصديقان على الواقعية في الأهداف التي يضعانها في عملهما، إنّما دانيال يؤكّد أنّ "الجميع يبذل قصارى جهده ليوسّع عمله حتّى يشمل قطاعات أخرى يشعر بأنّه قد يفلح فيها". في هذا الإطار، اختار دانيال قطاع تطوير الأعمال والعمليات الدولية. واليوم بعد أن بدأ يصدّر إلى مناطق بعيدة لتوريد المنتجات إلى عملاء مرموقين مثل سبينس، يشعر بأنّه ليس من سقف لطموحاته. "من الرائع أن نفكّر في أنّنا نملك القدرة على إرسال قطعة فاكهة من وسط كاليفورنيا إلى دبي! أحبّ أن أفكّر في المهارات التقنية المبذولة وكلّ الطائرات والسفن التي تتطلّبها هذه العملية!" في الوقت عينه، يقول دانيال: "تعلّمنا منذ سنوات طويلة أنّ الأراضي الزراعية الخصبة تتوزّع في جميع أنحاء العالم الشاسع. لهذا، بدأنا نسافر في مختلف أنحاء العالم، حيث نتعرّف على مزارعين يقدّمون منتجات متنوّعة."
من هذا المنطلق، باتت مجموعة تضمّ 31 مزارعاً من حول العالم تتشارك المعلومات الجينية مع علامة فاميلي تري فارمز، بدءاً من التوت الأزرق في المكسيك والبيرو، وصولاً إلى العنب والكيوي الأحمر والأصفر من منطقة كايب في جنوب أفريقيا، فتقدّم تركيبات جينية حصرية مخصصة للشركة.
يوضّح آندي الذي يهتم بقسم التسويق قائلاً: "يمنحنا هؤلاء المزارعون جنى عمرهم، ونتحمّل نحن مسؤولية إدارته بجدارة وعناية لننشر بذور تركيباتهم الجينية المبتكرة في مختلف أنحاء العالم. تتمحور جميع عملياتنا حول الزراعة، التي بدورها ترتكز على التفاصيل الجينية. فمهما كان الشخص ناجحاً في الزراعة، لا بدّ له من تقديم المنتجات بأفضل حلّة لتحقيق النجاح."
تُجرّب معظم الفواكه الجديدة هنا في مركز البحث والتطوير الشهير الخاص بعلامة فاميلي تري فارمز، كما تُفحص للتأكّد من ملاءمتها للسوق، في موقعٍ يحبّ دانيال أن يدعوه "تربتنا ومناخنا المميزَين". ويتولى إيريك وول الإشراف على هذا القسم الأساسي من العمليات، حيث أنّه يعرّف عن نفسه قائلاً إنّه "يعيش لأجل الفواكه".
وخلال جلسة التذوق التي تمّ تنظيمها لدى زيارة فريق سبينس، اختار صنفاً جديداً من النكتارين، دعته العلامة باسم نكتا بينك.
ويشير إيريك: "لا تبدو هذه الفاكهة جميلة للوهلة الأولى، فهي تحمل عدداً من البقع الصغيرة. لكنّها فريدة نظراً لنكهتها الشهية والحلوة مع نفحة حامضة خفيفة، لدرجة تشبه طعم المانغو الناضج، حتّى أنّ جميع من تذوّقها وصفها بأنّها لذيذة كما المانغو!" ويكمل مشيراً إلى أنّ أجواء السوق جعلت المستهلك ينفر من شراء الفاكهة إن كانت تحمل بعض البقع الصغيرة. لهذا يسعى إيريك وفريقه إلى تغيير هذه النظرة المسبقة، لدى المستهلكين والبائعين على حدٍّ سواء.
"لقد بلغت 69 عاماً من العمر، أمضيت معظمها بين أشجار الفواكه. ومن الأمور الأساسية التي تعلّمتها هي كيفية التعامل مع فاكهة النكتارين الحلوة. بالارتكاز إلى خبرتي، إذ أردت انتقاء فاكهة لأمّي أو لأصدقائي، قد أختار واحدة تحمل هذه البقع. ففي هذا القطاع، يظنّ الجميع أنّ الفاكهة الأفضل هي تلك اللامعة لأنّها تلفت الأنظار أكثر، لكنّها لا تكون قطعاً بحلاوة الفاكهة التي تحمل بقعاً."
وفي الحقول، يقول الجيل الجديد من العائلة أنّهم تعلّموا كلّ ما يعرفونه من إيريك ومن ربّ العائلة دايفيد جاكسون. ويصرّح تروي، حفيد دايفيد، قائلاً: "لم أتعلّم الزراعة في جامعةٍ أو معهد أو أي مؤسسة من هذا القبيل"، بيد أنّه يدير فريقاً كاملاً لقطف الثمار وتشذيب الأشجار وتقليمها.
"كلّ ما فعلته هو العمل في المزرعة منذ أن كنت طفلاً صغيراً بعمر 5 سنوات، وبعد أن تخرّجت من المدرسة الثانوية، انتقلت للعمل هنا بدوامٍ كامل. يمكنني القول إنني تتلمذت على يد أفضل المعلّمين في العالم، فجدّي يملك فيضاً من المعلومات عن الزراعة أكثر من أي شخص آخر أعرفه، فيما تنقّل إيريك في جميع أنحاء الولايات المتحدة، وعمل في مختلف المزارع..."
من جهته، يؤدّي تاي ماكسلو ابن آندي وظيفة مماثلة في الحقول بشكل يومي، فهو قد تلقى التعليم أكثر من غيره ويشهد على أهمية الخبرة التي حصل عليها عند التدريب على أرض الواقع. ويشير تاي: "أفضل ما في الأمر أنّنا نحظى بفرصة مساعدة بعضنا بعضاً"، إذ يؤكّد أنّ علاقته بأقربائه هي علاقة أخوّة.
ويتعلّم الجميع من الأكبر سناً حيلاً وممارسات "قد تكون من معايير العمل المعروفة في هذا القطاع، أو قد لا تكون كذلك". "تتوفّر أصناف لا تُعدّ ولا تُحصى من مزروعاتنا، لذا نحاول دائماً أن نبتكر ونختبر احتمالات جديدة على مستوى تشذيب الأشجار وتقليمها." ويؤكّد تاي أنّ المزاح يبقى سيد الأجواء، بحيث يخفف وطأة العمل.
ننتقل الآن إلى غرانت غارسيا الذي تزوّج إحدى فتيات العائلة ويتولّى الآن منصب إدارة "الشاحنات والمعدّات"، لكنّه لم يحظَ بالوقت الكافي ليستفيد من معلومات العائلة، إذ انضمّ إليها منذ عقدٍ واحد. لكن هذه الفترة القصيرة كانت كفيلة بإشعال شرارة الحبّ فيه تجاه زراعة المحاصيل وبذور المستقبل في آنٍ معاً.
ويخبرنا غرانت قائلاً: "تتمثل النعمة الأكبر في كوننا جزءاً من هذه المهمة التي تهدف إلى العثور على أشهى الفواكه في العالم." ولدى سؤاله عن الصنف المفضّل لديه من الفواكه المحيطة به، اختار غرانت خوخة تُعرف باسم الخوخ الكرزي. "صحيح أنّ حجمها صغير، لكنّ طعمها ولا ألذّ." بدوره، اختار تروي فاكهة المشمش الخوخي الهجينة التي تنمو خلفه تماماً، وبالتحديد فصيلة منها تحمل اسم فلايفور غايتور. "تتمتّع هذه الفاكهة بقشرة خضراء لكنّ لبّها أحمر داكن، وحلو كالسكّر."
ويوضح أنّه تعلّم خلال طفولته التحلّي بالصبر أكثر من المزارعين الآخرين حتّى تغدو الفاكهة بالحلاوة المناسبة. قد يقطف المزارعون المجاورون فاكهتهم قبل عائل فاميلي تري فارمز، لكن على المقلب الآخر، ينتظر أفراد العائلة ريثما تنضج بالكامل، "حرصاً على أن تكون أشهى فاكهة تتناولونها في حياتكم." عادةً ما يتجوّل تروي في الوادي موزعاً منتجات العائلة على الغرباء ليجرّبوها، وغالباً ما يكون الردّ الوحيد هو: "يا للروعة!".
المدير التجاري للمنتجات الزراعية في سبينس
يقول نيل غيبسون
من المؤكّد أنّنا شعرنا بالذهول عندما زرنا مزرعة فاميلي تري فارمز. فجميع أفراد العائلة يتعاونون معاً لحفظ الفواكه المحلية وضمان استدامتها للأجيال القادمة. تزرع هذه العلامة أفضل الحسليّات على الإطلاق ونحن متحمسون جداً لنقدّم الأصناف والنكهات الجديدة الخاصّة بها إلى عملائنا هذا الخريف. فاعتباراً من شهر سبتمبر، سيتوفّر الخوخ الكرزي والمشمش الأسود وخوخ إيمرالد بيوتي والدراق الأصفر من علامة فاميلي تري فارمز للشراء في متاجر سبينس.