كتب الدكتور روبي أوجلا سلسلة كتب بعنوان "مطبخ الطبيب"، ويقدّم البودكاست وأنشأ الآن تطبيقاً له وإذا به يتحدّث عن الطعام باعتباره دواءً، ويتكلّم عن تأثيره على الرفاهية العامة
كيف يؤثّر الطعام على الصحة العامة، سواء العقلية أو الجسدية؟
متاز الطعام بقدرته الفريدة على منحنا المتعة، وتزويدنا بالفوائد الصحية، وتحسين وظائف أعضاء الجسم، وتعزيز صحتنا العقلية. وما من أمرٍ أروع من القيام بأبحاث لاستكشاف دهاليز العلاج بالطعام. لطالما اعتُبر الطعام بمثابة وقود أو عامل تغيير إذ يساهم على سبيل المثال في زيادة الوزن أو فقدانه. ولكنّني حاولت بواسطة كتاب "مطبخ الطبيب" أن أذكّر الناس بالعناصر الصحية التي يكتنزها الطعام وأعلّم الناس أهمية القيام بأبحاث في هذا المجال من دون أن ننسى الطابع المجتمعي لتناول الطعام. فعادةً ما تكون وجبات الطعام المشتركة همزة وصل في المجتمع، فبهذه الطريقة أيضاً قد يؤثر الطعام على صحتنا العاطفية. علاوةً على ذلك، أودّ الإشارة إلى طريقة أخرى مثيرة للاهتمام ألا وهي مفهوم الطب النفسي الغذائي، وهو مصطلح تم ابتكاره منذ حوالي خمس إلى ست سنوات. تحظى هذه المنطقة بالكثير من الاهتمام وتوفّر عدداً من الطرق التي يمكننا من خلالها تخصيص أنظمة غذائية للأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية تتعلّق بالصحة العقلية.
ما رأيك في "هَوَس الحمية الغذائية"؟
لا أحبّذ الحميات الغذائية لأنّني أعتقد أنّها تُطبّق على المدى القصير فحسب. لذلك، يلزمنا إيجاد طريقة طعام مستدامة تتناغم مع ذوق الشخص وتفضيلاته وتقاليده وثقافته، ولهذا السبب أحبّ الطعام على الطريقة المتوسّطية، لأنّه لا يتضّمن بالضرورة نكهات متوسطية، لا بل يعني أنّك تمتلك العناصر الأساسية التي تتّشح بباقة من الألوان وترتكز بشكلٍ كبير على النباتات والألياف والبروتينات النباتية. ولكن لا يتعيّن عليك أن تكون نباتياً صرفاً أو نباتياً لا أن تعتمد عكس الحمية البدائية وأكل اللحوم. فدائماً ما يمكن إيجاد حلّ وسطي يرضي الجميع ويتلاءم مع أساليب طهي متعدّدة وذلك في إطار هذا النموذج وضمن مبادئ تناول الطعام نفسها.
هل لاحظت وجود بعض المفاهيم الخاطئة لدى الناس في ما يتعلّق بالطعام الصحي؟
عندما يتكلّم الناس عن "الطعام الصحي" أو يفكّروا فيه، سرعان ما تخطر في بالهم وجبة زاخرة بالنكهات الأوروبية. ولكن عندما أفكّر بالطعام الصحي، يخطر في بالي طبق العدس مع السبانخ الطازجة التي ذبُلت للتو وصلصة التادكا الشهية، أو قد أميل إلى الطعام الإثيوبي مع الخبز المخمّر الشهي والخضروات المطهية والقليل من السلطة الطازجة مع البصل والطماطم. بالتالي، أودّ أن يفكّر الناس في تراثهم الخاص ويقدّروه بطرقهم الخاصّة عبر اعتماد أساليب الطعام التي يفضّلونها ويستمتعون بها بينما يحافظون على نظام غذائي صحي.
لقد قلتَ إنّ الناس قادرون على استعراض تراثهم التقليدي عبر طعامهم. لماذا تعتبر هذا الأمر غايةً في الأهمية؟
لطالما اعتقد الناس في الماضي أنّ الطعام الصحي محدودٌ نوعاً ما ولا يتماشى مع هويّتهم، ولكنّني أعتبر هذا المعتقد وجهة نظر أوروبية مشوّهة حول ماهية الطعام الصحي. لذلك، أودّ أن أصطحب الناس في رحلة لاستكشاف الفوائد الطبية التي يوفّرها طعامهم المفضّل. علاوةً على ذلك، يُعدّ الاطلاع على فوائد الطعام الطبية غايةً في الأهمية، إذ حين أكون في العيادة مع أحد مرضاي وأحاول تغيير سلوكه لأحثّه على تناول طعام أفضل، يكون من الصعب جداً تغيير نظامه الغذائي كلياً وحثّه على تناول أطعمة مختلفة. وغالباً ما يصعب ترسيخ هذا التغيير السلوكي في نفس الشخص علماً أنّه سيكون مستداماً وسيرافقه لفترة طويلة. لذلك أقول له: "لا يزال بإمكانك تناول طبق أدوبو أو هذه الوجبة الكورية أو هذا الكاري السريلانكي ... ولكن كلّ ما نحتاج إليه هو تعديل بسيط بالطبق، فنضيف إليه هذا المكوّن، أو نزيل ذلك." تُعدّ هذه الطريقة أسهل وأكثر متعةً بالنسبة إلى الناس. وتشكّل الاستدامة ركيزةً أساسية منها لأنّ إدخال هذه المكوّنات وحدها في أطباقنا لا يعني أي شيء، فالفارق الإيجابي يكمن في تمكّن المرء من اكتساب عادة غذائية يومية ترافقه مدى الحياة.
هل لديك طبق مفضّل ترغب في طهيه أو تناوله؟
في الحقيقة، ليس لديّ طبق مفضّل. أحياناً ما أختار المخبوزات، فيما أحبّذ في أحيانٍ أخرى طبق اللازانيا، وتارةً ما أشتهي الفول المدمّس، فيما أميل تارةً أخرى إلى يخنة شتوية بريطانية بالخضروات الموسمية. في الواقع، أعتمد نظاماً غذائياً متنوّعاً. وأعتقد أنّنا محظوظون لأنّنا نعيش في مجتمع حيث تتوافر كلّ هذه المكوّنات المختلفة، فلا بدّ من تقدير هذه النعمة. وعندما نقدّر هذه المكوّنات ونحافظ على صحتنا، نجد أنفسنا نمارس نشاطاً ممتعاً له فوائد صحية.