يتربّع منتجع وسبا لو ميريديان جزر المالديف وسط الشعاب المرجانية والبحيرة الغنيّة بالكائنات البحرية، وقد انفرد عن المنتجعات الأخرى بممارساته الصديقة للبيئة وطُرقه المبتكرة لتثقيف الضيوف وترفيههم
المنتجع
يقع منتجع وسبا لو ميريديان جزر المالديف على بُعد 45 دقيقة من ماليه على متن الطائرة المائية حيث يتواجد طاقم الطائرة الودود للغاية الذي يتألّق أعضاؤه بسراويل سوداء مع قمصان بيضاء ناعمة ونعال، من دون أن ننسى الطيّارين المميزين. استقبلني فريق المنتجع استقبالاً لم أشهد له مثيل، إذ يجتمع كامل فريق الإدارة لاستقبال كل طائرة مائية على حدة. ثمّ انتقلتُ إلى عربة باغي للقيام بجولة سريعة في الموقع الذي تبلغ مساحته 22 فداناً. كثيرةٌ هي الممرات الرملية في هذه الوجهة، وتحيط بها نباتات محلية مورقة تتعالى فوق مَن يعبر الممرات لتبدو وكأنّها مظلة منسوجة. ويعتمد المنتجع على المصابيح التي تعمل بالطاقة الشمسية لإضاءة المناطق المشتركة، فيما تم وضع الألواح الشمسية على أسطح المطاعم وموقع الاستقبال من أجل تقليل اعتماد المنتجع على المولّدات الكهربائية التي تعمل بالديزل. خلال الجولة، لم أستطع إشاحة نظري عن المياه من حولي التي تتموّج باللونَين الأزرق والأخضر، فكلما حدّثني السائق، أومأت له برأسي وأنا شاردة الذهن، بينما يدلّني على ما يحيط بالمنتجع من وجهات، بما فيها المسبح المخصّص للبالغين، ومركز الأطفال، والساحة الخارجية لمشاهدة الأفلام، ومراكز الأنشطة. وفي طريقي إلى الفيلا، رأيت صغير سمكة قرش الشعاب المرجانية وسمكة راي لاسعة بالقرب من الفلل المُقامة فوق المياه.
تجارب الإقامة
يضمّ هذا المنتجع المصنّف من فئة خمس نجوم 141 فيلا شاطئية ومُقامة فوق المياه مؤلّفة من غرفة نوم واحدة أو غرفتَي نوم. اخترتُ فيلا سانرايز المُقامة فوق المياه التي تضمّ سطحاً يوفّر إمكانية الوصول المباشر إلى المحيط، كما تزدان بحِرف يدوية مالديفية وتصطبغ جدرانها بلونٍ درّاقي ناعم. أمّا الحمّام الفسيح، فيغمره الضوء الطبيعي، ويتوفّر فيه حوض استحمام كبير يحلو فيه التمتّع بالمناظر الطبيعية من النوافذ الممتدّة من السقف حتّى الأرض. وتماشياً مع مبادرات المنتجع المستدامة، تتمّ تعبئة الشامبو والصابون السائل في قوارير سيراميكية، ويتم توصيل مياه الشرب العذبة يومياً في عبوات زجاجية. أمّا محطة التناضح العكسي الموجودة في المنتجع، فتقوم بتحلية مياه البحر للحصول على مياه صالحة للشرب عادية وفوّارة، ممّا يقلل من اعتماد المنتجع على زجاجات المياه المعدنية البلاستيكية. في أوّل يومٍ لي في المنتجع، استغرقتُ في نومٍ عميق خلال فترة ما بعد الظهر، والأبواب إلى السطح مفتوحةً. كان السرير مريحاً للغاية لدرجة أنّني لم أسمع هطول المطر ولا العواصف الرعدية من حولي، قد يعود ذلك إلى الإرهاق الذي تملّكني بعد رحلة طيران طويلة، ولكنّني تنعّمت بنومٍ هنيءٍ طوال فترة إقامتي في المنتجع.
نصيحة - يمكن العثور على سترات النجاة في غرفة الملابس وهي إلزامية عند السباحة لأنّ التيار قوي لاسيّما أثناء ارتفاع المدّ.
تجارب الطعام
تضمّ الجزيرة ستّة وجهات للطعام، نذكر منها مطعم تابيماسو الياباني المُقام فوق المياه. يمتاز هذا المطعم بتصميم فاخر لا يُضاهى، ويفتح أبوابه مساءً من الساعة 6 حتّى 10 مساءً، كما يتمتّع بنوافذ ممتدّة من الأرض حتى السقف حتى يتمكّن روّاده من مشاهدة السماء عند الغروب وهي تبدّل ألوانها من البرتقالي إلى الوردي لتبلغ أخيراً اللون البنفسجي الداكن. وقد وضع المطعم قائمة طعام شاملة تتوفّر فيها باقة واسعة من الخيارات النباتية، لكنني انتقيتُ سلطة الأعشاب البحرية المتبّلة المقرمشة والمنعشة، يليها حساء التانتانمين النباتي الذي يقوم على قاعدة من مرقة السمسم الحار المعتدل، مع وفرة من ملفوف بوك تشوي والتوفو والفطر. وذلك من دون أن ننسى نيجيري السلمون وخاصرة لحم البقر واغيو ولفائف التونة الحارة التي خطفت قلبي. كما تتوفّر محطة تيبانياكي للطهي حيث يقدّم الشيف توصياته ليسهّل على الضيوف الاختيار من بين مجموعة الأطباق المتوفّرة.
علاوةً على ذلك، يحلو تناول الفطور في مطعم توركواز الذي يفتح أبوابه طوال اليوم، ويقدّم لكم تجربة طعام تتخلّلها أطباق عالمية، على غرار المعجّنات الطازجة وأوعية الغرانولا وبودينغ الشيا، إلى جانب محطات الطهي الحي حيث يُحضّر البيض على ذوقكم والكونجي الصيني ومجموعة مختارة من الأجبان وغيرها. ولكن، تصعب عليّ مقاومة طبق الماس هوني، وهو طبق فطور مالديفي تقليدي مؤلّف من التونة المقطّعة مع جوز الهند المبروش الطازج والبصل المبروش برشاً ناعماً وعصير الليمون الأخضر، وقد تناولته مع خبز مسطّح طري يُسمّى روشي.
توجهوا أيضاً إلى مطعم ريفييرا تاباس آند بار للتمتّع بوجبة غداء شهية وسط إطلالات خلّابة على المحيط، إذ يقع المطعم على مرمى حجرٍ من المياه ممّا يجعله الموقع المثالي لقضاء فترة ما بعد الظهر. ويوصيكم الشيف بتذوّق الطبق الأكثر شهرة على قائمة الطعام، وهو طبق غامباس آل بيل بيل الذي يُحضّر من روبيان النمر اللذيذ مع أوراق خضراء صغيرة مزروعة في دفيئة المنتجع التي تعمل بنظام الزراعة المائية، إلى جانب مرقة الطماطم اللاذعة. كما يُقدّم مع العجين المخمّر الذي يشتهر به المطعم، وقد يبدو الخبز غير ضروري في البداية، ولكن المتعة الكبرى تكمن في تناول كلّ ما تبقّى من المرقة، بعد أكل كامل كمية الروبيان.
أمّا مقهى ويفز كافيه، فيُعتبر الوجهة المثالية للتمتّع بالقهوة والسندويشات والوجبات الخفيفة. ويتحوّل مطعم فيلا بار آند غريل، الذي يقدّم وجبات الغداء، إلى مطعم للمشاوي في المساء حيث يقدّم أطباق الستيك وثمار البحر المشوية.
الأنشطة
من أجمل الأنشطة التي اختبرتها خلال إقامتي في منتجع لو ميريديان جزر المالديف هي الغوص باستخدام أنبوب التنفّس حول الشعاب المرجانية، والرحلة البحرية إلى جانب الدلافين عند غروب الشمس، فبالرغم من أنّني أهاب المياه العميقة، تغلّبتُ على خوفي وتبعتُ خطى مرشدي. في هذه الوجهة، تنتظركم مملكة بحدّ ذاتها تحت المياه حيث تكثر الأسماك الملوّنة على اختلاف أشكالها وأحجامها بما في ذلك السمكة الببغائية وسمكة المهرج والسرجون والأسماك الملاكية. ويحرص المنتجع على صون الأعشاب البحرية المحيطة بالجزيرة والتي تُعتبر موطناً لمجموعة من الكائنات البحرية في المنطقة. كما تسنّت لي الفرصة لرؤية سلحفاة خضراء في قاع البحر.
تتوافر كذلك رياضات مائية أخرى منها الغوص والتزلّج على المياه والتجذيف على متن قارب الكاياك. ويمتاز موظفو مركز الغوص في المنتجع بموهبة فريدة، إذ يمكنهم معرفة مكان تجمع مجموعات الدلافين قارورية الأنف في المحيط المفتوح، فلا داعي للانتظار طويلاً حتّى تطلّ عائلة من الدلافين الكبيرة والصغيرة وهي تعبر المياه بسلاسة بجانب السفينة، وتصفّر لبعضها البعض وتقفز في الهواء، فتتعالى لها تصفيقات الجمهور. يؤمن المركز البحري بأهمية اتّباع نهجٍ عملي، ويشجّع الكبار والصغار على الانضمام إلى برنامج ترميم الشعب المرجانية والمشاركة في النقاشات حول علم الأحياء البحرية، فضلاً عن اختبار تجربة لا بدّ من القيام بها في غابات القرم حيث يمكن للضيوف التنزّه في الغابات مع عالم الأحياء البحرية الذي سيعلمهم عن الطيور والكائنات المائية التي تعيش ضمن هذا النظام البيئي الحسّاس.
والجدير بالذكر أنّ التجارب المريحة شكلت جزءاً أساسياً من كلّ يومٍ لي في جزر المالديف، ولم أفكر يوماً في التوجّه إلى النادي الرياضي خلال عطلتي، غير أنّني انجذبت إلى دروس اليوغا الشاطئية عند شروق الشمس وغروبها، إذ ترسي توازناً بين تمارين القوة وتمارين التمدد. كما ينظّم فريق العمل صفوفاً بوتيرة مستمرة بالتعاون مع الطهاة الزوّار والحائزين على جوائز، فلا تضيعوا عليكم فرصة المشاركة في تلك الصفوف أثناء إقامتكم. ونصل الآن إلى مهرجان الشمس، أحد برامج لو ميريديان المميزة، وهو حفلة مسائية تحت السماء المرصّعة بالنجوم حيث يتعرّف الضيوف على بعضهم البعض ويجرّبون الطعام من الأكشاك المؤقتة التي تقدّم الكباب الهندي والسوشي والباييلا والسلطات المصنوعة من الخضروات الورقية الطازجة والمستقدمة من الدفيئة الزراعية بالمنتجع.
تجارب السبا
يقع سبا إكسبلور في جزء منعزل من الجزيرة، وهو عبارة عن مساحة مُقامة فوق المياه تحتوي على غرف علاج للأزواج والأفراد، وقد وُضعت الأسرّة فيها فوق ألواح شفافة حتّى يتمكّن الضيوف من تأمّل الحدائق المرجانية بالأسفل. وتضمّ قائمة العلاجات جلسات تدليك وعلاجات للوجه ولفائف للجسم تجمع بين مبادئ الأيورفيدا والتقنيات الحديثة لتحقيق التناغم الجسدي والفكري، ويمكن تصميم العلاجات بحسب تكوين الفرد الفكري والجسدي (أو ما يُعرف بالدوشا). بعدها ناقشتُ مع معالجي حالة بشرتي، وأوصى لي بجلسة سانداري للوجه حيث تُستخدم مكوّنات طبيعية نشطة لتقشير البشرة وترطيبها، يليها تحفيزٌ لنقاط الضغط على الوجه وفروة الرأس فضلاً عن علاج بالتصريف اللمفاوي. ولا أتذكّر الكثير من هذه التجربة سوى أنّني استنشقتُ مزيجاً رائعاً من الزيوت العطرية، ثم خضعتُ لجلسة تنظيف لطيف للوجه. واستيقظتُ بعد 50 دقيقة لأجد بشرتي أكثر نضارةً وصحة (وهو ما أحتاجه بعد يومٍ طويل قضيته تحت أشعة الشمس، بالرغم من أنّني أطبّق كريم للوقاية من أشعة الشمس بدرجة حماية SPF70).