نحت العصر الجليدي الأخير تضاريس جديدة في الأراضي الواقعة في شمال شرق أيرلندا، حيث شكّلت رواسب الأنهار الجليدية تلالاً بيضاوية صغيرة تُعرف باسم دروملين. تُعتبر التربة الموجودة أسفل هذه التلال غنيّة بالطين، وتتمتّع بتركيبة ضعيفة ولا تمرّ فيها المياه بسهولة، مما يجعلها غير مناسبة لمعظم أشكال الزراعة. بيد أنّ الدواجن تستفيد من هذه المساحة الخضراء للأكل، تماماً كما تفعل في المزرعتين في مقاطعتَي ميث وموناغان المملوكتين من المساهمين في شركة ذا نست بوكس إيغ.
تبقى الدواجن خارج الحظيرة حتى المساء، وتتغذى على الأعشاب المزروعة خصيصاً لتعزيز تغذيتها مثل عشبة اليارو وعشبة لسان الحمل والثوم الأخضر قبل قضاء الليل في حظائر فسيحة جيدة التهوية. ويتم اختبار جودة البيض البلدي العضوي الغني بالأوميغا 3 الذي تنتجه تلك الدواجن قبل تعبئته وتوزيعه على رفرف البائعين مثل سبينس.
وفقاً لمدير المبيعات براين إيفرز، كانت والدته هي أوّل من طرحت فكرة التنويع في إنتاج البيض في مزرعة العائلة.
وفي هذا الصدد، يقول إيفرز: "بدأت والدتي المشروع بشراء 150 دجاجة عام 1985، وبعدها بدأت الشركة بالازدهار عاماً بعد عام."
توفّر الأراضي في شمال شرق أيرلندا ظروفاً مثالية لإنتاج البيض
تحمل كل بيضة رمزاً للتتبّع
بعد ذلك، وحّدت عائلة إيفرز جهودها مع عائلة ماكغينيس المقيمة في موناغان والتي تملك خبرة أطول في تجارة البيض؛ إذ قام المؤسس بادي ماكغينيس بتوزيع البيض في سلة على دراجته الهوائية منذ أكثر من نصف قرن.
واعتباراً من العام 2023، أصبحت نيستبوكس شركة عالمية، ولا تزال السيدة إيفرز تتولى القيام بعدّة أعمال في المزرعة. ويقول براين: "لا تزال شغوفة جداً بتوفير الرفاهية للدواجن."
ويُضيف: "عندما تدخل إلى الحظيرة، ترتدي دائماً السترة نفسها، فتتعرّف عليها وتتحرّك براحة حولها. لقد كرّست حياتها فقط لتوفير البيض البلدي في البلاد." يُعتبر توفير الأعلاف الصحية والنباتية المرحلة الأولى من عملية تجرى الآن تحت رعاية وكالة أورغانك تراست.
تقول إيفرز: "يتطلب توفير البيض البلدي شروطاً عالية جدّاً من ناحية الإنتاج، حيث يجب عليكم فهم مشاعر الدواجن ومتطلباتها."
تخضع مزارع إيفرز وحوالي 43 مزرعة إقليمية أخرى تزود شركة نيستبوكس لبعض أكثر المعايير الغذائية صرامة في العالم. وتطلب وكالة الغذاء الإيرلندية "بورد بيا" إجراء 22 اختباراً لكل بيضة للتأكد من عدم وجود تسرّبات وتشققات على البيضة ومن وزنها ولونها ونوعية قشرتها وغيرها من المعايير.
تخضع كلّ بيضة لـ 22 اختبار جودة
يُساهم العلف الصحي الغني بالمغذيات بشكل مباشر في تكوين صفار البيض بألوان زاهية
كان براين وشقيقه يقومان بمعظم هذه الأعمال بطريقة يدوية عندما كانا صغيرَين (على الرغم من أنّهما كانا يفضلان لعب كرة القدم)، وقضيا ساعات طويلة قبل المدرسة وبعدها في فرز البيض وقياس وزنها.
وفي هذا الإطار، يقول براين: "كنا نضيء الضوء تحت كلّ بيضة للتأكّد من عدم وجود أيّ تشققات على قشرتها ومن أنّها نظيفة. لم نكن نحب القيام بمثل هذه الأعمال الروتينية في تلك الأيام، ولكننا نعي اليوم أهميتها الكبيرة، ولحسن الحظ أصبحت اليوم الآلة تُغنينا عن القيام بهذا العمل بأنفسنا."
تُقام اليوم عملية الفرز في مركز تعبئة متطوّر حديث البناء وفقاً لمواصفات اتحاد تجار التجزئة البريطانين، حيث يتم ختم كل صندوق برمز بهدف تتبّع البيض من المزرعة إلى طاولتكم، لضمان الحفاظ على أعلى المعايير عبر سلسلة التوريد." وتمتثل عائلة إيفرز والمزوّدون الآخرون لكافة معايير خطة ضمان الاستدامة التي وضعتها وكالة الغذاء الإيرلندية "بورد بيا" وبرنامج "أوريجين غرين".
وتشتمل معايير وكالة "بورد بيا" على كافة جوانب الإنتاج بدءاً من استقدام المواشي مروراً بالأمن البيولوجي وصولاً إلى مكافحة الأمراض، في حين أنّ "أوريجين غرين" هو مشروع الاستدامة الوحيد في العالم الذي يعمل على المستوى الوطني بحسب براين الذي يصرّح: "يعمل المزارعون والمنتجون وتجار التجزئة معاً ويعبّدون الطريق إلى خلق مستقبل أفضل لجميع الأطراف المعنية."
توفّر شركة نيستبوكس، مع ستة من منتجي البيض العضوي، دخلاً كبيراً للأسر العاملة في مجال الزراعة في جميع أنحاء مقاطعة موناغان وفي المقاطعات المجاورة. ويُوزّع البيض اليوم على نطاق واسع كما يُوضّب ويتم تتبّعه بأفضل الظروف من بلد المنشأ وصولاً إلى دبي ووجهات أخرى.
وفي هذا الصدد، يقول براين: "تُعدّ الجودة وإمكانية التتبع المبادئ الأساسية التي يتّبعها منتجو البيض الناجحون. فبهذه الطريقة نوفّر لعملائنا الجودة الذي يطلبونها، فيعلمون عند فتح العلبة مصدر البيض."