سارة هيويت تلتقي بالمختصَّين في العلاجات المائية ليبرتي وبرانشو، وتكشف كيف يمكن لرحلة ثلاثية الأبعاد تحت المياه أن تأتي بالتأمّل الفوري والسكينة حتّى لأكثر العقول انشغالاً
تعود العلاجات المائية إلى عصر اليونان القديمة ومصر، ولكن لاقت ممارسات الواتسو الرواج باعتبارها أداة قوية للتجديد والشفاء خلال الثمانينيات، وهي مزيج من العلاجات المائية وممارسات الشياتسو. ومن هنا يتبيّن أنّ التجارب المائية العلاجية لها تأثير عميق على صحة الفرد الجسدية والذهنية.
لقد التقيت باثنين من أشهر خبراء العلاجات المائية في دبي، وهما ليبرتي وبرانشو من شركة "بيكوم ووتر"، وذلك بعد ليلة لم أعرف خلالها طعم النوم، وصباح مزدحم مع أطفالي، واجتماعَي عمل، وكانت الساعة لم تتخطَّ الـ10:30 صباحاً بعد. ففي خضمّ حياتي المزدحمة، لا أعلّق آمالاً كبيرة على التنعّم ببعض الراحة والاسترخاء.
بدأت رحلتي العلاجية لدى وصولي إلى المسبح الذي تطغى عليه الأجواء الهادئة ويقع في حديقة غنّاء في نصب بمنطقة البراري، واستقبلني المضيفون على الفور. جلسنا قليلاً وتبادلنا أطراف الحديث قبل أن نصل إلى الجزء الذي كنت أتطلع إليه بقدر ما أهابه.
توضح ليبرتي قائلةً: "الواتسو هو العلاج المائي الأساسي للجسم، وقد ابتكره ممارس الشياتسو هارولد دول في ثمانينيات القرن العشرين في كاليفورنيا. بدأ هذا الأخير بأخذ عملائه إلى المياه الدافئة لتمديد أجسامهم وتدليكها وتحريكها، فاكتشف حينها الفوائد التي تترافق معها. والفرق الرئيسي بين الماتسو وما نقوم به هو أننا نضع الرأس تحت المياه. هذا وندمجها أيضاً مع أساليب مختلفة مثل العلاج بتدفّق المياه والرقص في المياه والعلاج بالصوت والتدليك المائي لتصميم جلسة علاج مائي بالتدفّق الحرّ مصممة خصيصاً لتلبية متطلبات الفرد."
في المقابل، يضيف برانشو، الذي يتمتع بخبرة تزيد على 35 عاماً في هذا المجال: "حين نضع الفرد تحت المياه نضيف بُعداً آخر إلى التجربة، إذ يدخل هذا الأخير في حالة التأمل الفوري، حيث يفقد الزمان والمكان معناهما. ونعمل أيضاً مع مختلف الأشخاص مهما كانت المشكلة التي يعانونها، بدءاً من الأرق والصداع النصفي مروراً بإصابات الولادة وصولاً إلى رهاب المياه."
يمكن إجراء الجلسات إمّا في المسبح إمّا في البحر إذا كانت درجة الحرارة مناسبة. ويجب أن تكون درجة الحرارة حوالي 34 درجة مئوية، مع الإشارة إلى أنّ التجارب العلاجية في البحر تُقدّم في دبي في الفترة الممتدة ما بين مايو/يونيو وما بين أكتوبر/نوفمبر فحسب.
أمّا أنا، فأجريت جلستي في صباح أحد الأيام في منتصف شهر أبريل، حيث سُررت لتواجدي في المسبح الذي يتمتع بدرجة حرارة مريحة. ولكن ما الفرق لو كنت في البحر؟
وتفسّر ليبرتي قائلةً: "يعود الأمر إلى التفضيلات الشخصية. في المسبح، يمكننا التحكّم في درجة الحرارة فنمتلك هامشاً إضافياً من المرونة، وقد يشعر المرء بالمزيد من الأمان لاسيّما إذا كان يخوض التجربة للمرة الأولى. ولكن في البحر، يمكن التمتّع بتجربة شاملة تخاطب الحواس مع الارتباط أكثر بالطبيعة. كما أنّ الملح يزيد القدرة على الطفو."
لذلك، اخترت المسبح وبدأت تجربتي العلاجية بين أيادي ليبرتي لأنطلق إلى ذلك المكان المجهول الذي أخبرني عنه برانشو، ألا وهو التأمّل الفوري. بعد لحظة عابرة من الذعر، استسلمت للمياه، حيث راح جسمي يطفو في اتجاهات مختلفة، تاركاً كلّ ما يثقله من توتّر مع كل لفة ودوران. وصحيحٌ أنّ عينيّ كانتا مغمضتين، إلّا أن خيوط الشمس رسمت لوحةً من الألوان أمامهما... وأخيراً تخلّيت عن كلّ مخاوفي، واستسلمت تماماً للمياه.
يمكنني القول إنّه لم يسبق لي أن اختبرت تجربة مريحة واستثنائية مثل هذه. وبعد 90 دقيقة بين أحضان مضيفيَّ وانتهاء تجربة العلاج بالصوت، خرجتُ من المياه وأنا أشعر بالراحة والسكينة.
وتوضّح ليبرتي قائلةً: "كلما كرّرتم هذه التجربة، زادت ثقة جهازكم العصبي بنتائجها. ويقصدنا الكثيرون ممّن يجدون صعوبة في نسيان همومهم ويحاولون السيطرة على كل أوجه حياتهم. وما إن يبدؤوا العلاجات المائية، حتى يروا آثارها في حياتهم اليومية.