إن لم نتقبّل التغيير سيكون مصيرنا الهلاك. لطالما كان هذا المبدأ واقعًا فعليًا يتمحور عليه التقدّم البشري، وقد أصبح مؤخرًا أكثر إلحاحًا مما مضى. إن نصف المعركة الهادفة إلى حماية كوكبنا يستوجب إبطاء ممارسات معينة، أو تقليلها، أو حظرها. أمّا النصف الآخر فيتطلّب تكيفًا فعالاً واستباقيًا، يتمثّل في الخروج بحلول إبداعية لمشكلات من صُنع الإنسان. ومع حلول عام 2022، أصبح في حوزة المخترعين والمهندسين ورواد الأعمال البارزين طيفًا من الأفكار الناشئة التي قد تصبح خشبة خلاص؛ بعضها واعد وإنما ما يزال في مرحلة النضج، والبعض الآخر سبق أن تم تطويره وأصبح جاهزًا للتطبيق.
النحلة الآلية بي- درويد
قد يتراءى للبعض أن النحل الآلي فكرة مخيفة شبيهة بابتكارات أفلام الخيال العلمي المرعبة، لكنّ الواقع هو أن الباحثين في جامعة وارسو للتكنولوجيا قد صمموا جيوشًا آلية مفيدة هي عبارة عن طائرات صغيرة، وغير لاسعة، تشبه المروحيات وتعمل دون طيار، ويتم التحكم بها بواسطة منصة إدارة رقمية. صُمّمت هذه الآلات لإنجاز نسبة عالية من العمل بمقدار قليل من الطاقة، وهي قادرة على تحديد وتلقيح محاصيل معينة في المناطق التي يكون فيها النحل البري مرهقًا أو حيث تقلّ أعداده.
البرج المزيل للضباب الملوث
قد يبدو أن تنظيف الهواء الملوث مَهَمّةً فائقة الصعوبة، لكنّ الفنان الحضري والمبتكر التكنولوجي الهولندي دان روزغارد، نجح في تطوير جهاز هائل لأداء هذه الوظيفة، هو عبارة عن برج مزيل للضباب الملوث يبلغ ارتفاعه 25 قدمًا تقريبًا، ويمتص الجزيئات من الجو المحيط به لتحويلها إلى أيونات وإطلاقها بمعدل 30 ألف متر مكعب في الساعة. ويمكن القول أنه أشبه بخدمة تنظيف بالتفريغ الهوائي فعالة وملفتة لدرجة أنه يتم التخطيط لإقامة أبراج جديدة في كوريا الجنوبية والصين والمكسيك وبولندا، وفي وطنه الأم هولندا. وفي خطوة ذكية، تُستخدم الجزيئات المضغوطة لصنع خواتم يمكن شراؤها لإظهار الدعم لهذا الجهد.
الفنان الحضري والمبتكر التكنولوجي الهولندي دان روزغارد ابتكر البرج المزيل للضباب الملوث لتنظيف الهواء.
تقنية "ووتربوكس" تتيح للنباتات النمو حتى في الظروف الصحراوية القاسية.
غرويسيس ووتربوكس
مصدّر الأزهار بيتر هوف هو مبتكر هولندي آخر ذو تفكير تقدّمي، وقد ابتكر طريقة لزراعة المحاصيل في الصحراء قد تؤدّي إلى تحوّل جذري في هذا المجال. تقنية التشغيل هي عبارة عن "دلو ذكي" مصنوع من الورق المعاد تدويره، يمكنه إنبات البذور واحتضان الشتلات لتنمية محاصيل منتجة حتى في المناطق التي تعاني من الجفاف أو انجراف التربة. يصمد ما معدّله 90 بالمئة تقريبًا من نباتات ووتربوكس في مناخات قاسية، ويستهلك هذا الأسلوب مياهًا أقل بنسبة 90 بالمئة مقارنة بأساليب الزرع الأخرى. ويمكن لهذا الابتكار أن يسهم حقًا في تجنب الكوارث في المناطق التي يصعب فيها جدًا صمود المنتجات الزراعية.
وعاء "سي بِن"
من المعلوم أنّ المحيط الهادئ تشوبه جزر من النفايات البلاستيكية الطافية على سطحه، وإذا كانت فكرة جمعها كلها تبدو في الوقت نفسه بسيطة للغاية وشاقّة للغاية، فقد يلهمكم الجهد الذي يبذله راكبا الأمواج الأستراليان أندرو تورتن وبيت سيغلينسكي اللذين دفعهما شغفهما بالمحيط، واستياؤهما من درجة تلوّثه، إلى تطوير وعاء قمامة عائم مزوّد بنظام ضخّ غوّاص و''كيس صيد'' يلتقط المواد البلاستيكية والزيوت والملوّثات الأخرى، ليصفّي مياه البحر المتدفّقة عبره بفعالية.
إس.كافيه
بما أنّ القهوة تعتبر المشروب المنشّط المختار حول العالم، فمن المنطقي أن يتم العمل على تحويل المخلّفات الناجمة عنها إلى شيء مفيد ومستدام وصالح للارتداء. وفي هذا السياق، نشأت العلامة التجارية إس.كافيه نتيجة ملاحظة عفوية أبداها المؤسس جيسون تشين وزوجته إيمي، مفادها أنّ رائحة القهوة تميل إلى إخفاء الروائح الكريهة. وأدى ذلك إلى أربع سنوات من البحث والتطوير والعمل على مجموعة مخصصة من الأنسجة من مخلّفات القهوة المطحونة. تستهلك هذه العملية المعتمدة لإنتاج الخيوط كمية من الطاقة والمياه أقلّ مما يلزم لإنتاج معظم أنواع القطن المتوفر تجاريًا. كما أنّ الملابس المصنوعة منها تجفّ أسرع بنسبة 200 بالمئة، وفي الوقت نفسه، تمتص الروائح بشكل طبيعي وتعكس الأشعة فوق البنفسجية من خلال تركيبة مسامية دقيقة حاصلة على براءة اختراع.
عبوات فيغانباتل
تعتبر العبوات المرتكزة على الخضار والقابلة للتحويل إلى سماد واحدة من الاختراعات المهمة فعلاً في حقبة الطوارئ المناخية التي نعيشها. ويُعد ابتكار عبوات فيغانباتل التي طوّرتها الشركة الفرنسية ليسباكدجينغ، من بين أبرزها وأكثرها ثباتًا. فهي عبارة عن عبوات قابلة للتحلّل بشكل كامل من الغطاء إلى الغلاف، وهي مصنوعة من مستخلصات قصب السكر الذي يحتاج إلى كميات أقلّ من المياه مقارنة بغيره من المحاصيل الزراعية. أمّا تصنيع القارورة بحدّ ذاتها فيتطلّب أيضًا طاقة أقلّ بكثير من البلاستيك التقليدي.
السلسلة العضوية "أورغانك تشين"
كان الثنائي بيتو جيكوب ومحمد نصيب من الفِرق الفائزة في هاكاثون "معًا عن بُعد" الذي أقيم برعاية شركة إريكسون ووزارة الاقتصاد الإماراتية. يُعرض مفهوم السلسلة العضوية "أورغانك تشين" في الجناح السويدي في إكسبو 2020 دبي، ويعتمد تقنية الجيل الخامس لتتبع الإمدادات الغذائية في منطقة الخليج، من المزرعة إلى السوق. يتم الرمز إلى كل محصول بشفرة خاصة تتيح تتبعه خلال كل مرحلة من مراحل رحلته، كما يمكن للمتسوّق في السوبرماركت أن يستخدم تطبيقًا على هاتفه المحمول لمسح رموز الفواكه والخضار والحصول على جميع البيانات التي تهمّه مثل: ما مدى عضويتها، ومتى قُطفت، وما الجودة التي يمكن توقّعها من هذا المحصول، وما إلى ذلك.
صوت الكهرباء
إليكم مشروع آخر من المشاريع المتأهّلة للتصفيات النهائية في هاكاثون إريكسون، وهو يشارك الآن في إكسبو 2020. إنّه وليد ابتكار أربع طالبات من جامعة الشارقة هنّ: حصة سيف المحرزي، وفاطمة سهيل الغفيلي، ويمنى محمد، ونور أكرم عيسى، اللواتي يتنوعّ تخصّصهن بين الهندسة الصناعية والطاقة المستدامة والطب العام. طرحت الطالبات فكرة تحويل الصوت إلى تيار كهربائي، وعملن على جهاز يستخدم الضوضاء الصادرة عن محرك الطائرة كمصدر طاقة داخلي لشحن الأجهزة الموجودة على متن الطائرة أثناء الرحلات الجوية. ويرى الفريق أن هذه العملية قابلة للتكيف تقريبًا مع أية بيئة صاخبة أخرى، وهي تطرح احتمالاً واضحًا لمستقبلٍ من الطاقة غير الملوّثة.
بذور إيكا
تُعتبر عملية إنتاج زيت النخيل، بوضعها الحالي، عملية غير مستدامة، فزراعة النخيل واسعة الانتشار وتتطلب مساحات شاسعة من الأراضي، ما يستوجب بدوره إزالة غابات على نطاق واسع. لذا عملت شركة غولدن أغري ريسورسز القائمة في سنغافورة، والتي تصنّع مختلف أنواع المنتجات المشتقة من زيت النخيل، على إيجاد بديل حيوي تقني ومثير للإعجاب باستخدام بذور جديدة معدلة جينيًا تحمل الاسم الرمزي إيكا 1 وإيكا 2. يمكن للنباتات النامية من تلك البذور أن تنتج كمية أكبر من الزيت بنسبةٍ تصل إلى 300 بالمئة مقارنة بمعدّل الصناعة الحالي، كما أنّها تنضج بسرعة أكبر وتتميز بكونها أكثر مقاومة للجفاف والأمراض.
الشحن الخالي من الكربون من "زيس"
صحيح أن سفن الحاويات التي تعمل بالديزل لا تستهلك القدر نفسه من الوقود الأحفوري الذي تستهلكه طائرات الشحن، لكنّ كل تلك الرحلات الأطول والأبطأ في البحار والأنهر تخلّف أثرًا كذلك. ففي هولندا مثلاً، يَنتج عن الشحن البحري حوالي 5 بالمئة من الانبعاثات الوطنية. وهذا ما حثّ مجموعة هولندية مبتكرة أخرى تُدعى "زيرو إيمشن سيرفسز" (أو زيس)، على تطوير نظام طاقة خاص بها قابل للمبادلة، واستخدامه لتشغيل سفينة "ألفينار" في رحلات داخلية لنقل البضائع بين منطقتي ألفين آن دن رين ومورديك. تعمل السفينة على 45 حزمة من بطاريات أيون الليثيوم، لكلٍّ منها قدرة طاقة تعادل طاقة 36 سيارة كهربائية، كما تخفض كل منها كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تقدّر بنحو 1000 طن سنويًا. وتتميّز حزم "زيس" بكونها سريعة الشحن وسهلة التبديل، كما أنّها سهلة النقل لدرجة أن الشركة تتوقّع أنها ستتمكّن قريبًا من تزويد أيّ شيء بطاقة هذه البطاريات، بدءًا من مواقع البناء ووصولاً إلى المهرجانات الموسيقية.