ثورة تجارب الطعام الممتعة

ثورة تجارب الطعام الممتعة

الطعام – 17.07.24

كان لمسيرة الشيف الفرنسي أدريان فيلديو ورحلاته تأثيرٌ كبيرٌ على مطعمه الأوّل شي وام حيث تخيّم أجواءٌ ملؤها البساطة وتنسجم النكهات العالمية بأشهى توليفة

Devina Divecha
Devina Divecha
الكاتب

قد يتفاجأ البعض من أنّ الشيف الفرنسي أدريان فيلديو، بخبرته الواسعة في مجال الطهي، لم يكن مهتماً بالطهي في البداية إلى أن حضر صفاً من صفوف الماجستير وكان كفيلاً بتغيير نظرته لفنون الطهي.

قال في هذا السياق: "لم أهتمَّ يوماً بالطهي أو بفنونه، وكلما أخبرت أحداً بهذا الأمر لا يصدقني." وواصل كلامه بأنّ علاقته بالطعام كانت معقّدة في صغره، غير أنّه خلال دراسته لشهادة الماجستير في الضيافة والسياحة، تبدّل كلّ شيء. وقال: "كان الصف الأخير من العام صفاً للطهي. وسألني الشيف: "من كم سنة تمارس الطهي؟ يبدو أنّك تتمتّع بمهارة عالية." اعتقدت أنّه كان يسخر مني، ولكنني أخبرته أنّ هذه هي المرة الأولى التي أدخل فيها المطبخ، فأجابني: "أرى أنّك تتمتّع بمهارة مميّزة، فلا تضيّعها سدى."

طُبعت هذه الفكرة في ذهن أدريان الذي ترك ماجستير إدارة الأعمال ليلتحق بمدرسة لتعلّم فنون الطهي. وقال: "عندما أخبرت أمي أنّني أريد أن أصبح طاهياً، ضحكت لساعة تقريباً. ولكنّني أحبّ الطعام، ووالدتي طاهية ماهرة، كما أنّ جدتي كانت طاهية عظيمة بحق. فبدأت مسيرتي في عالم الطهي، وعندما بدأتُ بممارسة هذه المهنة، اصطلحت علاقتي بالطعام."

منذ ذلك الحين، لم يتراجع عن قراره قط، لا بل استمرّ بالمضي قدماً في مسيرته. وعزّز خبرته في هذا المجال حيث عمل مع أمثال جويل روبوشون وآلان باسارد، وترأّس قصر شار باغ في سنّ الـ24 في مراكش بالمغرب، وأصبح مدرباً في استوديو توب شيف للطهي في دبي، ثم استعرض مهاراته في مطعم إينكد الذي فتح أبوابه في شارع السركال. وأخيراً افتتح مطعمه الخاص تحت عنوان شي وام.

افتُتح مطعم شي وام في حدائق سانت ريجيس بنخلة جميرا منذ ما يزيد عن عامٍ، وينضوي تحت لواء مجموعة ريكاس، لينضمّ إلى باقة من المطاعم المرموقة منها تاغوماغو، وميمي كاكوشي، وتويغي، ولا كانتين دو فوبورغ.

اختار الشيف هذه التسمية لمطعمه لسببٍ وجيه: أولاً تعني كلمة "شي" الديار باللغة الفرنسية. أمّا كلمة "وام"، فيقول أدريان إنّها تعني "أنا"، فيكون اسم المطعم "دياري" باللغة الفرنسية العامية، حيث يدعو الشيف ضيوفه إلى دياره. ويتابع قائلاً: “أنا طاهٍ فرنسي أعدّ أطباقاً عصرية، ولكنّ ذلك لا يكفي لاكتشاف مفهوم المطعم، فلن تعرفوا جوهره إلّا عند تجربة الطعام فيه. وليس مطعمي فرنسياً، ولا يابانياً، ولا إيطالياً. إنّه مطعم يطلق فيه الشيف العنان لقدراته الإبداعية ويفعل ما يريده، ولكن بمنتهى الإتقان والحِرفية."

موسيقى مطعم شي وام تضفي أجواء مريحة على الوجهة | طاولة المشاركة متمركزة في زاوية شبه خاصة
موسيقى مطعم شي وام تضفي أجواء مريحة على الوجهة | طاولة المشاركة متمركزة في زاوية شبه خاصة
موسيقى مطعم شي وام تضفي أجواء مريحة على الوجهة | طاولة المشاركة متمركزة في زاوية شبه خاصة

في شهر مايو من هذا العام، أطلق الشيف أدريان قائمة الشيف التجريبية المكوّنة من 11 طبقاً، حيث يشاهد روّاد المطعم الطهاة وهم يحضّرون لهم أشهى الأطايب في المطبخ. وتُقام هذه التجربة مرة واحدة أسبوعياً، وصُممت قائمة الطعام على يد المبدعة ميريام كالفو كما لو أنّها كتالوج لرحلات السفر.

هذا ويشدّد الشيف على أنّ مطعمه لا يقدّم تجربة طعام فاخرة، إنّما تجربة طعام ممتعة. والجدير بالذكر أنّه لا يمكن ربط أطباقه بمطبخٍ معين، إنّما هي مزيج من تجاربه ورحلاته حول العالم. فقد يُقدّم طبق كبد الإوز المسمّن باو مثلاً مع صلصة الخوخ، ودجاج أدوبو مع حبيبات الكُسكُس. وهذا يفسّر حصول أدريان على لقب "رجل الوجبات السريعة" عند وصوله للمرة الأولى إلى منطقة الشرق الأوسط عام 2012. وقال في هذا الإطار: "كنت أتناول الوجبات السريعة على وجبات الفطور والغداء والعشاء. وقال لي الناس إنّني أحضّر تجارب طعام فاخرة، ولكن بوجبات سريعة. وكان هذا الأمر غريباً ومضحكاً في آنٍ معاً، فعلقت هذه الفكرة في ذهني." علاوةً على ذلك، غيّر اسمه على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي إلى اسمه الحقيقي تجنّباً لإرباك روّاد المطعم الذين يستكشفون مطعمه الجديد. ولكن الرغم من ذلك، يضيف والبريق يلمع في عينيه: "لا تزال قائمة الطعام تضمّ أطباقاً تترجم حبّه للوجبات السريعة، من جبنة الكامامبير المقلية إلى التشيز برغر بلحم بقر واغيو."

بالإضافة إلى ذلك، يستخدم أدريان المنتجات المحلية قدر الإمكان، بدءاً من عسل سدر حتّا وصولاً إلى محار دبا بي، فضلاً عن الفواكه والخضروات المحلية مثل الفطر والطماطم. ويقول إنّ كلّ ما يريده هو استقدام أفضل المكوّنات لإعداد أطباقه، ما يعني أنّ القائمة تضمّ أيضاً مكوّنات مثل النكتارين الفرنسي وجبنة الماعز الأسترالية.

إسكالوب هوكايدو يُقدّم مع سمك السلمون المتبّل وجبنة الكامامبير المقلية | خبراء مزج المشروبات يعدّون الكوكتيلات المبتكرة في الاستراحة
إسكالوب هوكايدو يُقدّم مع سمك السلمون المتبّل وجبنة الكامامبير المقلية | خبراء مزج المشروبات يعدّون الكوكتيلات المبتكرة في الاستراحة
إسكالوب هوكايدو يُقدّم مع سمك السلمون المتبّل وجبنة الكامامبير المقلية | خبراء مزج المشروبات يعدّون الكوكتيلات المبتكرة في الاستراحة

هذا ويتكلّم المالك الشريك في مطعم شي وام عن التعاون القادم بين المطعم والطهاة من الإمارات العربية المتحدة والعالم، ويقول إنّه تمّ تأكيد ستة مشاريع حتى منتصف العام 2025. فيبدو أنّ البرنامج حافلٌ للغاية، بالرغم من أنّه يقول إنّه يمتلك أكثر من "مليوني فكرة" جديدة في ذهنه. ويشير إلى أنّ مطعم شي وام يعكس ما أراده، فهو طاهٍ يتمتّع بمهارات عالية ليجسّد رؤيته، وهو سيفٌ ذو حدّين، فالإيجابي في الأمر هو أنّه يمارس هوايته بإتقان، أمّا السلبي فهو أنّه نطاقه محدود. ويضيف: "لذلك، لست من الطهاة الذين يأتيهم ربّ العمل ويقول: "سوف يفتح 20 مطعماً. وهذا ليس أسلوبي". ما يريد فعله هو التركيز على مطعم شي وام. ويتجلّى ذلك في فوز المطعم بجوائز عدة في عامه الأول من افتتاحه. ويضيف أدريان قائلاً: "أنا أحب البساطة في الطهي. وأعتقد أنّ الجيل الجديد يجب أن يركّز على ذلك. وغالباً ما يميل المرء إلى إعداد طبق واحد وإضافة مكوّنات كثيرة باعتباره أمراً رائعاً، ولكن قد لا تكون هذه الإضافات في محلّها. لذلك، يكون الاكتفاء بالمكوّنات الأساسية في هذه الحالة هو الخيار الأنسب.

استمعوا إلى مقابلة البودكاست مع الشيف أدريان فيليديو حيث نتحدث عن نهجه في الطهي بالتفصيل.